دعوة تُستجاب.. وذنب يُغفر.. ومسألة تُقضى.. وزيادة في الإيمان والتلذذ
بالخشوع للرحمن.. وتحصيل للسكينة.. ونيل الطمأنينة.. واكتساب الحسنات..
ورفعة الدرجات.. والظفر بالنضارة والحلاوة والمهابة.. وطرد الأدواء من
الجسد.
فمن منَّا مستغن عن مغفرة الله وفضله؟! ومن منَّا لا تضطره
الحاجة؟! ومن منَّا يزهد في تلك الثمرات والفضائل التي ينالها القائم في
ظلمات الليل لله؟!
عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر،
فإن استطعت أن تكون ممَّن يذكر الله في تلك الليلة فكن"
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: "جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات"
وعن
أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل
ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر
فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له"
وعن
عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تفتح
أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد: هل من داع فيُستجاب له، هل من سائل
فيُعطى، هل من مكروب فيفرج عنه، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله
تعالى له، إلا زانية تسعى بفرجها، أو عشاراً"
يد الله سبحانه مبسوطة
للمستغفرين بالليل والنهار.. ولكن استغفار الليل يفضل استغفار النهار
بفضيلة الوقت وبركة السحر؛ ولذلك مدح الله جلّ وعلا المستغفرين بالليل فقال
سبحانه: ** (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ)
وذلك لأنَّ الاستغفار
بالسحر فيه من المشقة ما يكون سبباً لتعظيم الله له.. وفيه من عنت ترك
الفراش ولذاذة النوم والنعاس ما يجعله أولى بالاستجابة والقبول.. لا سيما
مع مناسبة نزول المولى جلَّ وعلا إلى سماء الدنيا وقربه من المستغفرين..
فلا شكَّ أنَّ لهذا النزول بركة تفيض على دعوات السائلين وتوبة المستغفرين
وابتهالات المبتهلين.
فيا من أسرف على نفسه بالذنوب.. حتى ضاقت بها
نفسه.. وشقّ عليه طلب العفو والغفران؛ لما تراه من نفسه في نفسه من عظيم
العيوب.. وكبائر السيئات.. قوم لربك في ركعتين خاشعتين.. فقد عرض عليك بهما
الغفران.. فقال لك: "من يستغفرني فأغفر له"